رحاب الخضري تكتب ..اختبار نفسي من صورتك وأنت صغير

الحق والضلال

خاص لموقع الحق والضلال

منذ عدة أيام اشتعل "فيسبوك" بـ event "صورتك وأنت صغير"، لكسر موجة الكآبة المسيطرة على الجميع بسبب شهر أبريل؛ نظرًا لطقسه متطرف التقلب الذي يتقلب معه مزاجنا جميعا ولا راد لقضاء الله أو هكذا ظني.

المهم جاءوا بصورهم وهم صغار، وتنوعت مراحل الطفولة ما بين رضع كحد أدنى وأطفال بالإبتدائية كحد أقصى، وعمت روح الفكاهة التعليقات خصوصًا وأن المصري معروف بأناقته المفرطة في طفولته -سامحني يا رب- وهكذا مرت أولى ساعات الإيفنت بسلام حتى بدأ الاختبار النفسي!

قامت فتاة بوضع صورتها وهي رضيعة لا تتعدى السبعة أشهر نائمة على بطنها رافعة رأسها بلا ملابس، تلك الصورة الأكلاشيه التي تم التقاطها لأغلبنا إن لم نكن كلنا وبدأت التعليقات في بادىء الأمر عادية مضحكة ثم انحرفت فانزلقت لقاع قذر عندما دخل أحدهم وقال "**** حلوة أوي!!" وأنهالت الكلمات البذيئة على صاحبة الصورة من بعدها ما بين تحرش لفظي برضيعة وبين لعن لها ولتربيتها على عدم حيائها!

طيب عزيزي القارىء إن كنت من المتحرشين بها لفظيا أو حتى من اللاعنين لها لعدم حيائها، سواء أن كنت شابًا أو فتاة لا يهم فدعني أخبرك أنك مريض (بيدوفيليا) آه والله متلازمة الغلمانية وهي اشتهاء الأطفال والولع بهم فلا يعقل عندما يرى شخص بالغ صورة رضيعة بلا ملابس أن يجد فيها أي إيحاء جنسي يستدعي التحرش، أو أن يتغزل بمؤخرتها، أو حتى يلعنها لعدم الحياء؛ حتما هذا إنسان غير سوي، فهو مريض شاهد الصورة من خلال مرضيه حتى وإن لم يعترف بغلمانيته.

بعدها وضع شاب صورته وهو صغير؛ الشاب كان أشقر بعيون زرقاء يتمتع بقدر كبير من الوسامة، مرت التعليقات عادية من تلك النوعية التي اعتدنا عليها "هيييييييح قمر" ثم فجأة انفجر البوست بسيل من الغزل الصريح من الفتيات فأذهلني حقيقية يعني، ثم تعدى الحد وبدأت الفتيات تعلن عن حالات الدوار من جماله أو الإنبهار بعيونه وخفقان قلوبهم وتسارع الضربات والنبض! ومنهم من عرضت عليه الزواج أو حتى "نتصاحب" على حد قولها، وكان رد الفعل بنفس الحدة فمع كل تعليق إعجاب بالشاب من فتاة؛ هناك تعليق من شاب يسب فيه الفتاة وصاحب الصورة معًا ويقلل من شأنه ويدعي صاحب التعليق أنه أفضل منه بكثير! وفي أقل من ساعة أصبح البوست مستنقعا!

طيب عزيزتي القارئة إن كنتِ ممن أعلنوا عن إنبهارهم الشديد بصاحب البوست وممن خفقت قلبوبهم بشدة لجماله، أو أصابك الدوار الذي أصابهم بعد أن شاهدوا عيونه من صورة ديجيتال؛ فأنت بعون الله تعانين من متلازمة (ستندال) وهي الهوس باللوحات الفنية والإفراط في الإعجاب بها، ويمكن وصف من يفرط في رد فعله بعد إعجابه بأي شيء بأنه مريض ستندال، أما الشباب الذين قاموا بالتقليل من شأن صاحب البوست لمجرد تعليقات الفتيات وبالغوا في وصف أنفسهم بأنهم أفضل منه فهم يعانوا من (النرجسية) وهي افتتان الشخص بذاته والتقليل من شأن غيره، أما من قاموا بالسب واللعن فقط دون إبداء أي أسباب لفعل هذا؛ فهم يعانوا من قلة التربية والأدب ويحتاجوا فقط كف مخبرين وهيبقوا زي الفل إن شاء الله.

بعدها قامت فتاة بنشر صورتها وهي صغيرة؛ كانت طفلة لا تتعد الخمسة أعوام تتمتع بخفة ظل جالية جدًا على صورتها وإن كانت ملامحها ليست جميلة ولم تمر سوى دقائق حتى انهال عليها سيل من السخرية الثقيلة التي تحولت مع الوقت للإهانة المفرطة وقلة الأدب التي لا تحتمل فقط لأنها ليست جميلة وكأن كل من علقوا على صورتها أشباه براد بيت أو أنچلينا چولي ثم تخطت الإهانات الحد عندما بدأوا يتسابقوا في تركيب وجهها على صور حيوانات حتى استسلمت الفتاة ومسحت صورتها وأعتقد أنها ستعاني من اكتئاب لفترة محترمة من الزمن.

طيب إذا كنت ممن علقوا على هذا البوست بالإهانة أو السخرية أو ركبت صورة لها فأنت تعاني من (السادية) وغير سوي بالمرة فأنت تتلذ بإذاء الآخرين نفسيا وإن جاءتك فرصة سانحة لإذاءهم بدنيا دون محاسبة لن تتردد أبدا أما إن كنت ممكن اكتفوا بالإعجاب بما فعله الساخرون فأنت عديم الإنساية ومعندكش دم!

بعدها بقليل قام شاب بنشر صورته هو وخطيبته في حفل الخطوبة بصحبة صورة لهما تم التقاطها قبل عشرين عامًا وكان عمره لا يتعدى العامين ثلاثة أعوام بالكثير وهو يلبس طفلة عمرها عام خاتما بيدها مع تعليق لطيف "لبستها الخاتم وهي عندها سنة وعملنا الفرح وهي عندها ٢١ سنة" كان البوست مبهجا للغاية وبه كمية طاقة إيجابية كبيرة حتى بدأت التعليقات تأخذ منحنى آخر غير المباركات والدعوات بحفظ الله والبركة؛ عندما دخلت فتاة لتعلق (دي عندها ٢١ سنة بس!!) وكأنها فتحت الباب للباقيات سيل من التريقة على العروس ووصفها بأنها أمه وليست خطيبته وأين كان عقله وهكذا غير أن كل معلقة تقارن بين شكل العروس الكبير في السن رغم صغرها فعليا وبين شكلها هي التي دائما ما يصفها الجميع بأنها أصغر من عمرها بكثير!

          
تم نسخ الرابط