في الثالث من سبتمبر عام (1981م)، أمر الرئيس محمد أنور السادات باعتقال ثلاثة آلاف من رموز مصر كان القمُّص بولس باسيلي ضمن المتحفّظين عليهم، من رموز وقادة الكنيسة القبطيَّة وقد روى جناب الأب الورع ما حد
أفشات القمُّص بولس باسيلي عن أيام التحفظ
في الثالث من سبتمبر عام (1981م)، أمر الرئيس محمد أنور السادات باعتقال ثلاثة آلاف من رموز مصر السياسيَّة والدينيَّة والثقافيَّة، وقد كان القمُّص " بولس باسيلي " ضمن المتحفّظين عليهم، من رموز وقادة الكنيسة القبطيَّة في مصر، وقد روى جناب الأب الورع ما حدث بدعابته المعروفة قائلاً:
في الساعة الرابعة بعد منتصف الليل وكنت وقتها في مصيف أبو قير، دقَّ على بابي زائر الفجر، فقمت من نومي وفتحت الباب فإذا بي أمام جيش عرمرم (كثير)، ضباط وعساكر ومخبرين ورجال مباحث، وعلى كل درجة سلم في منزلي جندي شاكي السلاح! وما أن وصلت السجن حتَّى دخلت غرفة المأمور، وهناك خلعوا جوربى من حذائي، فظننت أنَّهم سيمدوني علقة على رجليّ، ولكنَّهم قصدوا مجرَّد التفتيش لئلا أكون قد أخفيت مطواة!
وزنزانتي كانت محظوظة لأنَّ رفيقي فيها كان القمُّص باسيليوس سدراك كاهن المنيا، وهو طويل القامة فاتَّفقنا معه على أن يشتم لنا الهواء من الفتحة العالية، أمَّا أنا فيمكنني أن أتنفّس من عقب الباب، فكنت أنبطح على الأرض وأتلقّى الهواء العليل من ذلك المكان الجميل!
وفي يوم مرَّ مأمور السجن علينا للتعارف، فعرّفته بنفسي قائلاً: القمُّص بولس باسيلي، فقال لي: عضو مجلس الشعب؟ فقلت له: نعم! وقدّم القمُّص باسيليوس سدراك نفسه وبلدته المنيا، فقال له المأمور: يعنى تبع الأنبا بيمن؟ فقال له: لا مطران تاني وهو الأنبا أرسانيوس، فقال المأمور: وده مجاش ليه معاكم؟ فقال أبونا مازحاً: أصل مطراننا يا أفندم قصير وأنا أطول منه مرِّتين وهم يأخذون بالطول، فضحك المأمور، وكان يروي هذه القصَّة على الضباط للترفيه عنهم!
وإلى جانب الصلوات والألحان والتراتيل الكثيرة الَّتي كنَّا نُصلّيها، لم ينسَ الأنبا ويصا لعبة الشطرنج المفضّلة عنده، وأمَّا الطاولة فكان أُستاذنا بلا منافس القمُّص لوقا سيداروس!
وكانوا يُقدِّمون لنا الطعام على صفيحة قديمة، أشهد أمام الله أنَّ مصلحة الآثار لو رأتها لتحفّظت عليها!
وانتهت أيام التحفُّظ بمقتل السادات، فخرج الأبرياء ليتم قول الرب: " مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ " (زك8:2).