فاطمة ناعوت هكذا عوّدنا أقباطنا المسيحيون. يلاقون الإساءة بالغفران، ويقابلون اللعنَ بالمباركة

الحق والضلال

بقلم فاطمة ناعوت

توسّلٌ وتسوّلٌ لطلب الحبّ، على نهج: حبّة سكر، لله، شوية زيت. لله، أمْ دعوة لأن نحبّ اللهَ شوية أكتر ؟ المعنيان جائزان. فالشاهد أن الحبّ ينقصنا، فتجوز شحاذته ، لكى يعادل فائض البغض والتناحر الذى يمزّق مصر اليوم. والشاهد أيضًا، أن هذا البغض يشير بإصبع حزين إلى عزوفنا عن حبّ الله، وحاجتنا إلى تقديم أوراق اعتماد إيمانية جديدة تنقذنا من الهلاك. فلو أحببنا اللهَ بحق، ما بغض المرءُ أخاه، وما لاعنه، ولا ظلمه، ولا قتله.

لكن بطلَ مقالى لا هو شِحاذة حبٍّ، ولا هو اتهام بأن حبّ الله قد جفّ فى قلوبنا. إنما هو حَبة حبّ يقدمها المصريون للمصرين فى مهرجان لم أشهد فى تحضّره وضخامته إلا فى أوروبا، حيث يجيدون صناعة الحب، والفرح.

فى ساحة مدرسة دى لاسال بالظاهر، كانت هذه السيمفونية الخيرية الحاشدة بالجمال والحب. فى مهرجان حبّة حبّ ، جاور الإعلاميون رجالَ الدين الإسلامىّ والمسيحىّ بين عشرة آلاف صبيّة وصبىّ فى عمر الورد الناضر. برعاية كنيسة الملاك ميخائيل بالظاهر، اجتمع عدد من الرعاة من رجال الأعمال على حب مصر وأهل مصر. وخُصّص عائدُ الحفل لصالح عمليتى قلب مفتوح لطفلين، مسلم ومسيحى، يجريهما ملك القلوب ، ونبىّ الطب، مجدى يعقوب. لماذا أسميه نبىّ الطب ؟ لأنه لم يكتف بعِلمٍ استثنائى جعله أحد خمسة أساطين العالم فى الطب ، بشهادة كبريات جامعات أمريكا وأوروبا، ولم يركن إلى لقب فارس الذى منحته إياه الملكة إليزابيث، ولا يناله إلا رموز بشرية نادرة، بل عاد إلى بلده مصر، (لم تعطه حقّه فخرج منها حزينا ليتلقّفه الغرب)، وافتتح مركزًا بأسوان لعلاج قلوب أطفال فقراء مصر. أما النبوة، فلأنه لم يكتم علمه الغزير فى صدره، ويبخل به على الناس، بل شرع فى إنشاء كوادر طبية جديدة يعلمهم، ويهديهم قلب موهبته، ليكون لدينا بعد برهة العديد والعديد من الأسطورة المصرية: مجدى يعقوب . أليس هذا شأن الأنبياء حين لا يكتمون رسالتهم فى صدورهم، بل ينشرونها على العالمين ليرتقوا؟

متى فعل أقباط مصر هذا؟ بعد يومين من مهاجمة مهووسين للكاتدرائية المرقسية، عروس كنائس العالم، الأثر الدينى والتاريخى الفريد، وكادوا يحرقون المقرّ الباباوى الذى يفوق مقر الفاتيكان أهميةً، حيث بابا مصر، هو بطريرك الأرثوذكس بالعالم أجمع.

هكذا عوّدنا أقباطنا المسيحيون. يلاقون الإساءة بالغفران، ويقابلون اللعنَ بالمباركة، ويواجهون العداوة بالحب، والصلاة من أجل المُسىء إليهم. علّمهم كتابُهم أن ينفّذوا رسالة السيد المسيح عليه السلام، الذى كان يجول يصنع خيرًا، لتنتشر ثقافة: المحبة والسلام. شكرًا لهم.

          
تم نسخ الرابط