ماذا يريد هؤلاء من الأقباط؟ 1104711
بقلم خالد منتصر
وصلتنى رسالة غاضبة من دكتور كميل صديق، سكرتير المجلس الملى السكندرى، فكان لا بد أن أفتح نافذتى الصغيرة ليطل منها ويفسر سر غضبه المؤلم رسالته وهو الطبيب النابه فتحت الجرح الذى نغلقه نحن على قيح ونريده أن يلتئم ويشفى، فهل يشفى الجرح ونحن نحشوه تراباً ونكويه بماء النار ونطفئه بالبنزين والنابالم؟!
يقول د.كميل:
سؤال وإن كانت يا سيدى قليلة هى مفردات كلماته ولكنه يتسع باتساع التراب المصرى كله الذى يعرف كل مصرى حق (وأكررها مصرى حق ) قيمة الانتماء إليه.
إيه الحكاية بالضبط؟؟ ومثلما يقال (هاتوا من الآخر).
ما يحدث الآن مع الأقباط تجاوز كل حدود المعقولية والمنطق، وأكاد أقول والحد الأدنى من السلوك الإنسانى للأنسان البدائى، وإذا كان الدستور هو العقد الاجتماعى بين الدولة والمواطن الذى له كل الحقوق وعليه كل الواجبات فلنا أن نتساءل: إذا كنا نؤدى كل ما علينا من واجبات فهل فى المقابل ننال ما لنا من حقوق؟
الواقع المرير المؤلم على أرض الواقع يقول لنا لا وألف لا!!
سيدى لن أعدد لك صور التمييز السلبى التى تمارس تجاه الأقباط فى كثير من مناحى الحياة كلها يعرفها إخوتنا المسلمون وكتبوا عنها كثيراً وهالهم ما يحدث من تهميش وتجاوز فى حقوق بديهية. كل ذلك والأقباط بطبيعتهم المسالمة يتعاملون ويتعايشون معه على أمل أن تكون هناك نهاية لكل ذلك وكنا نتصور أن تلك النهاية قد أتت مع ما حدث فى 25 يناير لكن دعنى أقولها بكل الأمانه مع النفس لقد أتت إلينا بأسوأ الأسوأ فيما يختص بالشأن الطائفى بصورة لم تشهدها البلاد من قبل، وقد اتفق الكثيرون على أنه قد يكون نوعا من تسطيح للأمور أن نلقى باللوم على البعض فى التآمر على أهداف الثورة!! ودليلنا (ودليلهم) هو أن البعض أمام أعين المجتمع كله يقوم بالتحريض على حرق الكنائس وحتى يثير حمية من يستمع إليه يقرن دعوته تلك بأننا لو لم نفعل ذلك (لن نكون رجالاً)!!، ويا ويل أمة أصبح مفهوم الرجولة لديها هو حرق الكنائس!! وكان قمة التجاوز بعد الفيلم السيئ والمسىء الذى كانت الكنيسة الأرثوذكسية ممثلة فى قيادتها أول من أدانه وبلهجة شديدة واضحة، كذلك كل الهيئات والكنائس بكل طوائفها داخل وخارج الوطن، كان قمة التجاوز هو قيام المدعو أبوإسلام (ولا أقول الداعية لأن المسلم -كما تعلمنا جميعاً- من سلم الناس من لسانه ويده) بإتلاف وحرق نسخة من الإنجيل وعلل فعلته تلك بأنه قد حرق كتاب القس تيرى جونز!! وكان قد سبق أن أعلن أنه إن كان نادماً على شىء فلأنه لم يفعلها من قبل!! وأكثر من ذلك وعد أنه فى المرة القادمة سيتم التبول عليه أمام الكاتدرائيه!! وحين تم نظر القضية أمام القضاء قام أنصاره برفع لافتة مكتوب عليها (اللى يقول إنجيل يأتى بالدليل)!! وأنا هنا سأمنع القلم من أى تعليق. فقط لى أن أتساءل: ماذا لو كان العكس قد حدث؟!
ولعل سيادتكم والكثير من أحبائنا المسلمين قد انتابتهم الدهشة من رد فعل الشارع القبطى على حرق كتابه المقدس، وأنا أقول لا ياسيدى ليس هناك أى مبعث للدهشة، لأننا نؤمن إن للإنجيل ربا يحميه، ولن ندافع عنه ولكننا تعلمنا ونؤمن تماماً أن رب الإنجيل هو الذى يدافع عنه.
هذا جزء من كل، مروراً بعدم العدل فى التعامل مع وقائع يكون مسيحى الديانة طرفا فيها، والأمثلة صارخة وكان آخرها ما حدث من تهجير للأقباط من موطنهم بداية بالعامرية ومروراً بدهشور وأخيراً ما حدث فى رفح، المضحك المبكى فى ذات الوقت أن يقول لك المسئولون إن الأقباط تركوا ديارهم بمحض إرادتهم (أى أنهم حبوا يغيروا جو)!!
أيها السادة إن كل ما نطالب به حقنا فى وطننا فى أرضنا وليعلم الجميع أن الأقباط لم ولن يعرفوا أو يرتضوا بوطن أو أرض غير مصر هذا الحق الذى يقوم المسئولون بإهداره عندما يتم الكيل بمكيالين فى التعامل مع التجاوزات التى يكون الأقباط طرفا فيها التى تحدث على أرض الوطن، وإذا كان البعض يراهن على صبر الأقباط وقدرتهم على تحمل المظالم، فعلى هؤلاء البعض أن يدركوا قبل فوات الأوان أن للصبر حدودا والقدرة على التحمل لها سقف لن نستطيع أن نتجاوزه.
فى النهاية أردد مع الراحل العظيم فرج فودة (أن يفقد المرء حياته دفاعاً عن حياة الوطن أشرف كثيراً من العيش فى وطن ممزق).
ويبقى السؤال مرة ثانية لمن يهمه الأمر: ماذا يراد من الأقباط؟!