فاطمة ناعوت المسيحيون سرقوا مصر 1105147

الحق والضلال
بقلم فاطمة ناعوت

كنتُ ضمن لجنة تقصّي الحقائق في واقعة الاعتداء الطائفي على كنيسة الماريناب بأسوان عام 2011. ثمة تظاهراتٌ هنا وهناك، ولافتات وشعارات مرفوعة من تلك التي اعتدنا عليها بعد الثورة. لكن لافتة، يحملها رجل، استوقفتني: أدهشتني، ثم أضحكتني، ثم أدخلتني في حال تفكير، ثم أسلمتني إلى حزن عميق.
تقول اللافتة: “نطالب بطرد الأقباط الغُزاة"!!! ذهبتُ إلى الرجل وأنا أخفي ابتسامة مُرّة كنت أعرف أن ملامح وجهي تحملها. ودار بيننا الحوار التالي:
أنا: اسمع يا عزيزي. أنت حر في اختيارك أن تكون شريرًا، فتُشرّد الآمنين وتطردهم من ديارهم. لكن نصيحة، لا تجمع بين الشر والجهل. ليس بوسعي أن أُثنيك عن الشر، فهو اختيارك سيحاسبك عليه الله والقانون، لكن واجبي ككاتبة تنويرية أن أزيل جهلك. كلمة "أقباط" لا تجتمع مع كلمة "غُزاة" في مصر. الكلمتان دونت ميكس Don t mix. لأن قبطي يعني مصري. فكيف يكون المصريُّ من الغزاة؟! كن شريرًا كما شئت، لكن لا تجمع الشر والجهل، لأن في اجتماعهما على إنسان، كارثة.
هو: ازاي بقى مصريين وأسماؤهم: ماري، ومايكل، وكيرليس؟ دي مش أسماء مصرية أصلا، يبقوا أجانب.
أنا: ما اسمك؟
هو: عبد الرحمن.
أنا: وأنا اسمي فاطمة. ما رأيك أن اسمي واسمك ليست أسماء مصرية أيضًا؟ بل هي أسماء عربية. نحن المسلمين نسمي أولادنا على أسماء غالية ومقدسة لدينا: محمد، عائشة، فاطمة، أبو بكر، أسماء، عبد الرحمن الخ. والمسيحيون أيضًا يسمون أبناءهم على أسماء قديسيهم: أبانوب، تريز، يوحنا، متى، شنوده، الخ. أسماؤنا وأسماؤهم ليست مصرية. وحسب منطقك في أصالة الأسماء، نصبح نحن أيضًا غير مصريين! هل تقبل؟
هو: يا سلام! أومال الأسماء المصرية تبقى ايه بقا إن شاء الله؟
أنا: حور محب، مينا، زوسر، نفرتيتي، نفرتاري، إيزيس، أوزوريس، حورس، أمنحتب، حتحور، حتشبسوت، سنوسرت، الخ.
هو: …. (صمت وراح يفكر في كلامي).
أنا: قبطي مش معناها مسيحي، وحضرتك وحضرتي أقباط لأننا مصريين! يعني مش غُزاة يا عزيزي عبد الرحمن.

قبل شهر، هنأتُ إخوتي المسيحيين على صفحتي في فيس بوك ببدأ صيامهم الكبير. فتمطع أحد الأشاوس الأفذاذ العباقرة الذين يملأون حواري وأزقة الانترنت يتخفون وراء أسماء مستعارة (ربما يخجلون من أسمائهم) ويفنون أعمارهم في التعليقات ويتكاسلون عن القراءة والتثقف وبناء العقل. مبدأهم في الحياة: “أنا أعلّق إذن أنا موجود".
كتب ذاك الذي يسمي نفسه (مستر محمد زملكاوي" يقول: “انت لو "كفتة" زيهم مكنتيش تقولي كده.”
فرددتُ عليه قائلة: “الأخ Mr-muhammad Zamalkawy طبعا أنت تقصد (كوفتس) مش (كفتة). وطبعًا أنت لا تعلم معنى كلمة (كوفتس). لو عرفت معناها ما قلتها. فضحتَ جهلك بنفسك. فدعني أعلمك درسًا صغيرًا لكيلا تكشف أُميّتك وانعدام وطنيتك بل وانعدام مصريتك أمام الدنيا في مقبل الأيام. "كوفتس" يا رعاك الله يعني (قبطي) Coptic. والكلمة تحوير الكلمة اليونانية "إيجيبتوس"، ومنها كلمة "إيجبت" Egypt أي "مصر". وأصل الكلمة فرعوني: (ها كا بتاح ) يعني (منزل روح الإله بتاح). و"بتاح" هو الإله الذي نادى على الدنيا للوجود، حسب الميثولوجيا المصرية، ويصوَّر على جدران المعابد كهيئة رجل مُكفّن يمسك في يده صولجان على رأسه مفتاح الحياة الشهير. وبالتالي فكل مصري من سلالة أجدادنا الفراعين هو قبطي أو كوفتس.
والشاهد أن إخواتنا المصريين المسيحيين تمسكوا بذلك اللقب (قبطي) ورفضوا التفريط فيه لأنهم يعتزون بهويتهم المصرية القديمة، لهذا يظن بسطاء الثقافة أن "قبطي" تعني "مسيحي”. بينما نحن المصريين المسلمين تخلينا عن ذلك اللقب الرفيع عن جهل بهويتنا وسلفنا وحضارتنا العظيمة. لهذا يا سيد محمد (الذي منحت نفسك لقب مستر دون سبب واضح)، فأنا بالفعل كوفتس مثلهم، لأنني مصرية مثلهم، أما العقيدة فلا علاقة لها بالعِرق والهوية. فأنا كوفتس مسلمة، وهم كوفتس مسيحييون. فإن كنت لا تعرف أنك "كوفتس" مثلهم، فإن مصر لا يشرفها أن تكون ابنًا لها.
أعتذر عن عنوان المقال الذي قد يكون صادمًا. لكنني تعمّدتُ هذا لأن المعلومة التي تصاحب صدمة ما، تكون أثبتَ في الدماغ. وقد تعبنا وجفّت حلوقنا من تكرار هذه المعلومة البسيطة: قبطي= مصري. أطالبُ وزارات التعليم والإعلام والثقافة بترسيخ هويتنا المصرية لدى النشء وتصحيح المعلومات المغلوطة التي تسري في ثقافتنا الشعبية مسرى الدم.
أيها المسيحيون الأقباط المصريون، طوبى لكم "سرقة" هويتنا المصرية الرفيعة والتمسّك بها، والعُقبى لنا مثلكم لنسرقها معكم، ونتعزُّ بها مثلكم.
          
تم نسخ الرابط