فاطمة ناعوت عبر تويتر قبل عامين اتصل بى مواطنٌ مصرى مسيحي بسيط يستغيث

الحق والضلال

راسلنى مواطنٌ مصرى يستغيث لإنقاذ شقيقه، رومانى طلعت سامى، وخمسة من أقربائه يعملون فى ليبيا فى مجال المعمار. حاولوا العودة لمصر بعد تدهور الأحوال، لكن رحلتهم ألغيت بعد تفجيرات مطار طرابلس، خاصة بعد سطو بلطجية على أموالهم وجوازات سفرهم. ويخشون العودة برًّا خوفًا من تكرار مذبحة أبنائنا المسيحيين الستة فى ليبيا. حكى لى عن أمهات لا تجف دموعهن رعبًا على أبنائهم، وسألنى إن كان بوسعى عمل شىء من أجلهم.

اتصلتُ بالسفير بدر عبدالعاطى المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية. وقبل خمس دقائق هاتفنى سفيرُنا المصرى لدى ليبيا د. محمد أبوبكر، الذى يباشر أعماله من القاهرة مؤقتًا، بعد حوادث اختطاف الدبلوماسيين المصريين فى ليبيا، وطلب منى أى رقم هاتف ليبى للتواصل مع المحتجزين. بعد برهة أرسل لى المواطن يخبرنى أن السفارة المصرية فى طرابلس اتصلت بشقيقه ورفقته وطلبوا منهم التواجد بالمطار غدًا للعودة إلى مصر، بعدما استخرجوا لهم وثائق سفر. وفى التاسعة صباح اليوم التالى وجدوا مندوبًا من السفارة فى انتظارهم بالمطار لتيسير إجراءات السفر، حتى لحظة ركوب الطائرة. فى المساء، وصلتنى الرسالة التى انتظرتُها بأمل وترقّب تقول: أكتب لك من مطار القاهرة. وصلوا بالسلامة .

كل ما سبق جميلٌ وطبيعىٌّ ويدور فى إطار أن مسؤولين محترمين يقومون بدورهم على خير وجه، فى هدوء ودون جلبة ولا أضواء. مسؤول الخارجية أنصت إلى شكوى مواطن مصرى مغترب فى دولة ما، فاتصل من فوره بالمسؤول المصرى عن تلك الدولة، الذى تحرك على الفور وذلّل العقبات حتى عاد المواطنُ إلى وطنه آمنًا. لكن الأجمل هو سرعة التحرك قبل وقوع مأساة.

ساعات قليلة تفصل بين رسالتين، الأولى صباح يوم ٢٦ مارس (March 26th، 9:51am)، يخنقها الوجل من كارثة وشيكة، والثانية مساء يوم ٢٧ مارس ( March 27th، 10:17pm)، ترقصُ حروفُها بالفرح والثقة فى بلد يحب أبناءه ويرعاهم وإن غابوا عنه. هذا هو نموذج الإدارة الراقى الذى نرجوه فى مصرنا الجديدة بعد ثورتين هائلتين.

قبل شهر، فى حفل تأبين شهدائنا فى ليبيا بنقابة الصحفيين، أعلن د. بدر عبدالعاطى رقم هاتفه على الملأ، ليلجأ إليه أىُّ مغترب مصرى يمرّ بمشكلة، لهذا سأسمح لنفسى باستغلال كرمه وأنشر الهاتف هنا لكى يكون عونًا لأى أسرة تفتقد ابنًا لها بالخارج (01205555846). ولولا مخافة استغلال الكرم، لنشرتُ أيضًا هاتف سفيرنا فى ليبيا، د. محمد أبوبكر، الذى علمتُ فيما بعد أن جميع قنواته وهواتفه وأبواب مكتبه مفتوحة للجميع لخدمة ذوينا فى ليبيا، وتسهيل عودة من يرغب. شكرًا لكل نبيل يؤدى واجبه بتحضّر، لخدمة مصر وأبنائها فى الداخل والخارج

          
تم نسخ الرابط