فرن كنافة مقال رائع للاديب مدحت ثروت
الأديب المصري /مدحت ثروت
بدأ الشهر الفضيل، سبقه استعدادات شعب، استعداد قلوب هامت مشتاقة لطلته ولهلاله الذي يلهب القلب بين حافتيه، تاقت الروح إلى تراويح المساجد، وتاقت الأذن إلى أصوات أوراق الزينة المعلقة بين البيوت، الناس في بلدي لا يفرقون وقت تعليق زينة رمضان بين بيت المسلم أو المسيحي، فالخيط متصل بين البيتين، والأنوار معلقة لتصل بينهما في رباط إلى يوم الدين، وها هو فانوس مصنوع بحنكة لا ندري صاحب اليد التي صنعته لكن ألوانه تجذب الأنظار، وها هو قد مُد بحبل بعرض الشارع لم نحرص ونحن نعلقه أن يعلق عند الحاج محمود أو المقدس تقي، الكل يشارك فرح استقبال هذا الضيف الغالي، ولتُعد له وليمة لائقة، فليأتي ( الأسطى ) زين ليبني فرن لصنع الكنافة ويأتي جمال الابن الأكبر للمقدس تقي بصينية الشاي للأسطى زين والحاج محمود والمقدس تقي، لكن الأسطى يخجل من الإمساك بالكوب مُعللاً بأن يديه متسخة بالطين إلا أن الحاج محمود يبتسم قائلاً: "العملية في بيتها" وقبل الغروب ينتهي بناء الفرن ويوقد النار استعداد للاحتفال حين تأتي سعاد بطبق كبير به عجين الكنافة بينما الأطفال يلعبون في الشارع بفوانيس ملونة مُضاءة بشموع أملهم في غدٍ أفضل الشارع ممتلئ بالحياة والحب وأصوات ورق الزينة مع أغاني الأطفال في انتظار صوت مدفع الإفطار صورة غابت قليلاً عن المشهد.