تفاصيل تكشف لأول مرة عن لقاء قداسة البابا تواضروس بـ مرسي قبل 30 يونيو
دور الكنيسة في ثورة 30 يونية
كانت ثورة 30 يونيو وستظل انفجارًا في فتيلة كل فئات الشعب ومذاهبهم باسم الدين ضد الحكومة الفاشية وتطهير مصر لمن كان نائب احتكار السلطة ، و كما أسدل الستار على فصل مظلم في التاريخ المصري بإنهاء نهج المؤامرة الخارجية ، التي تبعتها الجماعة وأنصارها ، وهو أحد أسوأ مظاهر إساءة استخدام السلطة.
الباز يرشح كتاب سنوات من المحبة لله والوطن لقداسة البابا للقراء
رشح الدكتور محمد الباز، رئيس مجلسي إدارة وتحرير جريدة الدستور، لمتابعيه قراءة كتاب سنوات من المحبة لله والوطن ، للبابا تواضروس، الذي أعدته شيرين عبد الخالق، مع حوار إذاعي للبابا سجل خلاله شهادته على السنوات العشر من 2012 لـ2022.
يقع الكتاب، الذي حررته الإعلامية شيرين عبد الخالق، في 310 صفحة، وكتب مقدمته المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية السابق، والذي وصف فيها قداسة البابا بأنه شخصية وطنية، جذورها ضاربة في أعماق الأرض المصرية، وأنه رغم ما واجهه من صعاب، كان رجلًا رابط الجأش، لا تهزه العواصف والنوائب مهما عظمت.
ويحكي قداسة البابا لأول مرة تفاصيل لقائه بالرئيس السابق محمد مرسي بعد توقيعه قرار ترسيمه، ومحاولات جماعة الإخوان التودد الظاهري للكنيسة، وتجاهلهم لشكاوى الأقباط ومخاوفهم، ثم تفاعل الكنيسة المصرية مع الشعب المصري ضد حكم الإخوان خلال ثورة يونيو، وكواليس مشاركة البابا لشيخ الأزهر في اجتماع الثالث من يوليو الشهير.
وقال البابا تواضروس الثاني في الفصل الثالث، والذي يأتي تحت عنوان عنق الزجاجة ، أنه بلا شك سيبقى عام2013 علامة فارقة في تاريخ مصر، إذ جاء بمنعطف جذري في تطور الأوضاع في البلاد، ازدادت هذا العام بشكل كبير حالة من الاستقطاب، وعاشت مصر أجواء ضبابية تحت حكم الأخوان.
وتابع بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية: أنه بدأ هذا العام لدينا باحتفالات عيد الميلاد، وكانت لها خصوصية كبيرة لدي، فهذه كانت المرة الأولى التي أقود فيها صلوات ليلة عيد الميلاد بالكاتدرائية إلا أنها كانت فرحة مغلفة بالخوف فرحة منقوصة فالأحداث متسارعة والعنف يزداد يومًا بعد يوم ولا نعرف من وراءه تحديدًا، وبدأ الترويج لتعبير طرف ثالث، ولكن من هو الطرف الثالث ومتى سنكشف ومتى تهدأ الأمور، وتساؤلات كثيرة تتبادر إلى الأذهان، وتستمر الحياة ونمارس حياتنا بهدوء، ولكن الهدوء الذي يسبق العاصفه، فكنا نترقب ذكرى ثورة 25 يناير، وأذكر في هذا العام تحديدًا طلبت مني الأجهزة الأمنية عدم الخروج من الكاتدرائية في هذا اليوم، وبالفعل لم أخرج من المقر البابوي نهائيًا وقمت بعمل زيارة داخلية للمركز الثقافي داخل أسوار الكاتدرائية المرقسية بالعباسية .
وأضاف: وفي هذه الأثناء ذكرت مجموعه من الزيارات للكنيسة السفير محمد رفاعة الطهطاوي رئيس الديوان آنذاك، وبعض الشخصيات التابعة لجماعة الإخوان، وكانوا يريدون التودد الظاهري لنا، وكنت أستشعر أحيانًا أنهم يكتبون عنا تقارير .
وتابع: وفي مطلع هذا العام طلب عدد كبير من المسؤولين بالسفارة الأمريكية زيارتنا، وقد رفضنا في هذا التوقيت أي زيارة من هذا النوع، في الأوضاع كانت متوترة للغاية وكانت الرغبة واضحة لاستغلال الأقباط في الأحداث، والكنيسة المصرية كنيسة وطنية لا تنغمس ابدًا في السياسة، واستمر تصاعد الأحداث وازدياد الغضب الشعبي والذي بدأ التعبير عنه واضحًا في شكل الاعتداء على مقر جماعة الأخوان المسلمين بالمقطم، وهنا الاعتداء على الرمز في عقر دارهم.
دعوة من وزارة الدفاع
وتابع البابا تواضروس الثاني يقول: ثم يأتي الحدث الوطني الهام وتلقينا دعوة من وزارة الدفاع والفريق أول السيسي لزيارة وزارة الدفاع، وقد قمت بتشكيل وفد مكون من 3 أشخاص أبلغتهم بذلك، فقالوا لماذا ثلاثة فقط فرفعت العدد إلى 5 فطلبوا زيادة العدد فرفعته إلى سبعة فطلبوا زيادة فوصلنا بالوفد إلى12 شخصًا، وأخذت معي كل أطياف الكنيسة، وأتجهنا إلى وزارة الدفاع وكنا مدعوين للقاء لمدة نصف ساعة فامتد اللقاء لأكثر من ساعتين، قوبلت بحفاوة كبيرة، ودارت في هذا اللقاء مناقشات ثرية للغاية عن مستقبل الوطن، وأستشعرت أنه كان هناك رغبة كبيرة في التعرف على البطريرك الجديد، والأحاديث كافة التي دارت في هذا اللقاء لم تكن بصيغة طائفية ولكنها كانت بصيغة وطنية، وما أسعدني جدًا في هذا اللقاء وطمأنني إلى حد كبير، أن الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع أنذاك كان حاضر الذهن بشكل لافت جدا، فكان حديثه دومًا بالأرقام، وخرجنا من هذة الزيارة بطمأنينة غير عادية، وكنت أحدث نفسي قائلاً: الحمدلله مازال هناك من يخافون على الوطن .
هذيان مرسي قبل 30 يونيو
ثم قام البابا تواضروس بعده زيارات خارجية كانت أخرها النمسا في هذا الوقت ويقول البابا تواضروس الثاني: ثم عدت إلى أرض الوطن الجريح مصر، لأجد أنتشارًا كبيرًا لحملة هدفها جمع توقيعات لعزل الرئيس مرسي وإجراء إنتخابات رئاسية مبكرة كانت تقودها حركة تمرد، وكانت حالة غليان مازالت في الشارع المصري، ووسط كل هذا الغليان نري الرئيس مرسي يقيم مؤتمرًا في إستاد القاهرة لنصرة سوريا، وكانت المخاوف تزداد لدينا، وكنت أسأل نفسي لماذا ندعم سوريا الأن، والعبارة الشهيرة دعم الشرعية، وكلها كانت شعارات وعبارات جوفاء، وكنت أود أقول وقتها للرئيس مرسي بلدك أولى.
مضيفًا: ووسط حالة الأستقطاب الشديدة والغليان والتظاهرات التي تملآ الشوارع أتفقت مع الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، على أن نزور الرئيس محمد مرسي للننقل له حالة الغليان الموجوده في الشارع لنستوضح رؤيته، وتواصلنا مع الرئاسة وتم تحديد يوم18 يونيو الساعة الرابعة عصرًا، ولم يكن لدينا أي هدف من الزيارة سوي مصلحة البلد والأطمئنان على سلامة الوطن، ومحاولة تهدئة الأمور، خاصة مع تصاعد حالة الغليان في الشارع المصري .
وتابع: وجلسنا معه من الرابعة حتي الخامسة عصرَا وعلى مدار ساعة كاملة، كان يهذي بعبارات غريبة مثل ضبطنا 600 الف قرص ترامادول ، و ترعة السلام يحدث بها بخر للماء ، وهذا مشروع فاشل، وهذا مشروع ناجح، وأن هناك ترفض العمل معه في الحكومة، وبعد ساعة كاملة وهو يتحدث نظر في الساعة وكانت تشير إلى الخامسة وقال لي أتفضل اكلم فتحدثت بألفتظ هادئة، وقلت له هناك حالة غليان في الشارع وأرجو أن يكون هناك نوع من المساواة في القرارات ، فقال لي مثل ماذا، فرويت له خحادث بنت قبطية بمدرسة الأقصر أسمها ديمانه أتهمت بإزدراء الأديان فحكم عليها بالسجن 3 سنوات وغرامة 100 الف جنية، وفي الوقت نفسه هناك شخص مسلم أهان الأنجيل في القاهرة فحكم عليه بغرامة5 الاف جنية، وحينما رويت عليه هذة القصة كنت اتطرق لقيمة العدالة وعدم ترك بذرة لأي فتنه طائفية، وقبل أن أكمل حديثي وجدته يباغتني بقوله أنا أدفع المائة ألف جنيه ، حين سمعته يرددها أسقط في يدي.
واستشعرت وقتها أنه لا توجد فائدة، وأنه في واد أخر، وأن شواغل الشارع وغليانه لا يعنيه في شىء، ثم أذن لفضيلة الأمام بالتحدث، فبدأ حديثه بحالة الغليان في الشارع، ثم تحدث عن التجاوزات في حق الأزهر الشريف، وممارسات ضد أماكن إسلامية، وفتح الطريق أمام الشيعة، واستمر اللقاء ساعة أخرى، وقبل أن نغادر سألناه ماذا سيحدث سيادة الرئيس يوم30 يونيو ، فكان رده يدل على أنه مغيب وغير مستوعب لما يدور حوله، حيث قال سيأتي يوم واحد ويوم اثنين عادي ، فخرجنا من هذه المقابلة نتضرع إلى الله أن ينقذ مصر.
ويستكمل أنه من الأشياء الغريبة التي أصرت عليها الرئاسة آنذاك، ألا نغادر سويًا أن وفضيلة الإمام سويًا، وأن يغادر كل مننا في سيارة منفصلة، كنت أشعر بأن العلاقة الطيبة مع فضيلة شيخ الأزهر تقلقهم ولا تأتي على هواهم، وأنطبع لدينا أن هذا الشخص المغيب، وربما عن قصد أو دون قصد، وأنه ليس لها من دون الله كاشفة .