بقلم الكاتبة / حنان بديع ساويرس
قررت اليوم أن أُنحى الهموم جانباً ، وأحدثكم فقط عن الحب ، فدائماً أشاطركم همومكم ومشاكلكم ، التى تشعرون بها والتى أشعر بها أنا أيضاً معكم ، ولاسيما فى ظل الظروف الصعبة المُتلاحقة التى كانت تمر بها مصر وهذا من خلال مقالاتى التى أطرحها عليكم ، لذا قررت اليوم أن نخرج سوياً من كل هذه الظروف ولو ليوم واحد لنتحدث فيه عن الحب يوم عيده ، ولا سيما أننا نفتقده كثيراً فى هذا الزمان !! ، بمعنى أننا اليوم سنأخذ هُدنة من الحديث
ذو حظ سعيد من يُصادفه الحب الحقيقى ، ويعيش حزين طوال حياته من لا يتشبث به ، لأننا كثيراً ما نسمع عن أناس أحبوا بإخلاص ولكن لم يجد الحب صداه لدى من أحبوا ، أى لم يُبادلهم الحبيب نفس المشاعر ، أو ربما يتبادل حبيبين نفس المشاعر لكن لا يستطيع أحدهما التعبير عن هذا الحب ، أو قد يهمل فى التعبير عنه ، أو لا يعطى الإهتمام الكافِ لمن يحبه ، وحينها تكون النتيجة هى خسارة من أحبونا بإخلاص وتفانِ ، وبعد ذلك نندم فى وقت لا يجدى فيه الندم !!
الحب بالنسبة للمرأة هو كل حياتها ، لكنه بالنسبة للرجل جزء من حياته ، فربما ما يشغل الرجل
جلست أفكر كثيراً ما هى قصة الحب التى أقدمها لكم اليوم فى عيد الحب فلم أجد أروع من قصة الحب التى كانت بين الشاعر اللبنانى "جُبران خليل جُبران" والأديبة الكبيرة " مى زيادة" فهو من شعراء المهجر فكان يعيش بأمريكا ، وهى كانت تعيش بالقاهرة ، فكان حبهم فريد لا مثيل له ، فيَعِد حب نادر مُتجرد من كل ما هو مادى أو سطحى ومُتجرد من أى أهداف أو منافع ، فقد دام الحب بينهما أكثر من عشرون عاماً إلى أن توفى جُبران ، بل قد أحتفظت مى فى قلبها بهذا الحب طوال عشرة سنوات عاشتهم بعد وفاة جبران إلى أن لَحِقت به فعاشت بعد وفاته على ذكراه فى حالة سيئة جداً بسبب فقدانها له ، رغم أنهم لم يلتقيا إلا فى عالم الفكر والروح فقد أحبوا بعضهما البعض عن طريق المُراسلات الأدبية الطريفة والمُساجلات الفكرية والروحية العميقة ، التى ألفت بين قلوبهم ، ورغم عدم إلتقائهم إلا أنهم كانا أقرب قريبين وأشغف حبيبين ، وهذا يتضح من الرسائل الشهيرة النابضة بالحياة والصدق المُتبادلة بينهما ، التى أستخدمت فيما بعد فى دراسة الأدب العربى ، فكان حبهما عظيماً لأنه قد تخطى حدود الزمان والمكان والحواس ، وحتى عندما كانا يختلفان كأى حبيبين ، كان الحب الذى يجمعهما والذى بلغ ذروته وشدة ولع كل منهما للآخر يدفعهما للتصالح مجدداً . فلم يخُاطبها باللغه المألوفة للعشاق ، بكلمة " حبيبتى" بل عبّر عن حبه بما هو أبلغ عندما قال " أنت تحيين فيّ وأنا أحيا فيكِ " ووصف علاقته بها " بأنها أصلب وأبقى بما لايقاس من الروابط الدموية والأخلاقية "وبعد أن باح لها ، رجاها ان تُطعم النار رسالته إذا لم تجد لبوحه الصدى المرجوا في نفسها!!
فإليكم أروع ما قال جبران عن الحب والذى لخص فيه جميع أنواع الحب وكانت فى الكلمات التالية:
• نحبهم لكن لا نقترب منهم ، فهم فى البعد أحلى ، وهم فى البعد أرقى ، وهو فى البعد أغلى !!
• والبعض نحبهم ، ونسعى كى نقترب منهم ، ونتقاسم تفاصيل الحياة معهم ، ويؤلمنا الإبتعاد عنهم ، ويصعب علينا تصور الحياة حين تخلو منهم !!
• والبعض نحبهم ونتمنى أن نعيش حكاية جميلة معهم ، ونفتعل الصُدف لكى نلتقى بهم ، ونختلق الأسباب كى نراهم ، ونعيش فى الخيال أكثر من الواقع معهم .
• والبعض نحبهم لكن بيننا وبين أنفسنا فقط ، فنصمت برغم ألم الصمت ، فلا نجاهر بحبهم حتى لهم ،لأن العوائق كثيرة ، والعواقب مُخيفة ومن الأفضل لنا ولهم أن تبقى الأبواب بيننا وبينهم مُغلقة !!
• والبعض نحبهم فنملأ الأرض بحبهم ، ونحدث الدنيا عنهم ، ونثرثر بهم فى كل الأوقات ، ونحتاج إلى وجودهم كالماء والهواء ، ونختنق فى غيابهم أو الإبتعاد عنهم !!
• والبعض نحبهم لأننا لا نجد سواهم ، وحاجتنا إلى الحب تدفعنا نحوهم ، فالأيام تمضى ، والعمر ينقضى ، والزمن لا يقف ، ويرعبنا بأن نبقى بلا رفيق !!
• والبعض نحبهم لأن مثلهم لا يستحق سوى الحب ، ولا نملك أمامهم سوى أن نحب ، فنتعلم منهم أشياء جميلة ، ونرمم معهم أشياء كثيرة ، ونعيد طلاء الحياة من جديد ، ونسعى صادقين كى نمنحهم بعض السعادة !!
• والبعض نحبهم لكننا لا نجد صدى لهذا الحب فى قلوبهم ، فننهار وننكسر ، ونتخبط فى حكايات فاشلة ، فلا نكرهم ولا ننساهم ، ولا نحب سواهم ، ونعود نبكيهم بعد كل مُحاولة فاشلة !!
• والبعض نحبهم ويبقى فقط أن يحبوننا ، مثلما نحبهم !! عزيزى القارئ أى نوع من الحب أنت تعيشه ؟!
أحبائى وقرائى الأعزاء أقول لكم قى عيد الحب أنه طالما الحب موجود إذن الدُنيا بخير أحبائى ، كل عام وأنتم بخير ، أنتم وكل أحبائكم ، وأهدى إليكم باقة من الورود بكل حب كل عيد حب وأنتم دائماً فى حب ومصرنا بكل خير .