فاطمة ناعوت تكتب ..تعالوا نمشيها نكت

الحق والضلال

خاص لموقع الحق والضلال

في مثل هذه الأيام قال مصطفى، طبيب الامتياز، لزميله: “صايمين 55 يوم بحالهم، وحارمين نفسكوا من اللحوم والألبان، ما انتوا كده كده في النار!” يضحك جرجس قائلا: “طيب هاندخل النار، بس لو شفنا مسلم واحد جاي عندنا، يا ويله، حانبهدله.”

هكذا يسخر الأذكياءُ ببساطة، مما يُرغي له الأغبياءُ ويُزبدون. أثبت التاريخُ أن الشعب المصري هو أكثر شعوب الأرض “خِفّة ظِلّ”. في أحلك لحظات مُرّنا ومرارنا نطلق النكات التي تسخر من حكّامنا، وتجبر الطواغيتَ أنفسَهم على الضحك من أنفسِهم. لولا النكتة في حياتنا، لفنى هذا الشعب العظيم الذي ذاق، على مدار الزمان، ما لم يذقه شعبٌ آخر من غزو واحتلال واعتقالات وحروب وثورات وتجويع وتجهيل وإمراض ومحن طبقية وطائفية وعنصريات وغيرها. ما أكثر وأجمل النكت التي تسخر من الطائفيات.

ذهب مصريٌّ للعراق، فنادى في مطار بغداد على “شيّال” لحمل حقائبه. فجاء أحدهم وهَمَّ بحمل الحقيبة هاتفًا: “يا عَلِيّ”! فزجره المصريُّ، ونادى آخر، ففعل الشيءَ نفسه! فنادى ثالثًا ورابعًا، إلى أن جاء حمّالٌ وهتف: “يا قويّ!” هنا ابتسم المصري قائلا: “أنت الوحيد السُّني هنا؟” فرد الشيّال: “لا، أنا شيعي، بس مش معقول أصحّي لك “سيدنا عليّ” من نومه، عشان شنطة صغيرة زي دي!” وهذا مسلم وصديقه المسيحيّ كلٌّ يقول للآخر: “احنا هندخل الجنة، وانتوا في النار” يوم القيامة وجد المسيحيُّ نفسَه في النار وحيدًا، فذُهل. وبعد برهة شاهد ملاكًا يرافق صديقه المسلم للنار، فهتف: “مش قلت لك!” فرد المسلم باسمًا: “لا يا عزيزي، أنا جاي آخد شوية فحم، وراجع الجنة”. وهذا شيخٌ وقسٌّ يصطادان. يضرب القسُّ صنارته في الماء، فتخرج بسمكة، ولا شيء في صنارة الشيخ. فسأل زميله: “يا أبونا، اشمعنى السمك بيطلع لك؟” فقال: “يا مولانا، اهمسْ في سرّك: ‘يا عدرا يا أم النور”. فقالها الشيخ، وخرجت له سمكة ضخمة، ما أن رآها حتى صفّق هاتفًا بصوت عال: “اللهم صلّي ع النبي”، فقفزت السمكة في الماء! تلك نكاتٌ شهيرة متداولة، بوسعها أن تُفرّغ ما بداخلنا من طائفية. ما رأيكم- وخطابي للمتطرفين- أن تُخرجوا طاقات العنصرية داخلكم في نكات، بدل الحرق والقتل والتطاول والتباغض؟

أما أسخف النكات، غير المضحكة، فهي أنني حينما أنادي بحق المسيحي في المواطنة الكاملة دون تمييز، أبقى: “كافرة ومتنصرة وملحدة”، كأنما المطالبة بالعدالة والمساواة والقيم النبيلة في منظومة قيم الحق والخير والجمال تستوجب أن نغيّر جلدتنا أو نبدّل معتقداتنا! يا لها من نكتة سخيفة! ومع هذا، تعالوا نمشيها نكت.

          
تم نسخ الرابط