فاطمة ناعوت تكتب ...كنتي سيبيه يمسكها يا فوزية!
خاص لموقع الحق والضلال
كل احترامنا لأحكام القضاء التي لا تعقيب عليها، وبعد.
قال المحامي الشابُّ في لقائه بالإعلامي وائل الأبراشي: “أنا بعت لها رسالة في فيس بوك من سنتين وهي مردتش عليا! فرحت تاني يوم رافع عليها قضية ازدراء أديان واتحكم عليها بتلات سنين سجن. وهادبح خروف يوم ما تتسجن إن شاء الله”.
قبل عامين، ما سمع أحدٌ عن هذا المحامي الصغير، وما كان يأمل أن يصير حديث المدينة ويحلَّ ضيفًا دائمًا على الفضائيات وتُكتب عنه المقالات ويُذكر اسمه على مدار الساعة في مانشيتات الصحف والمواقع الخبرية ووكالات الأنباء، دون منجز ولا جهد، اللهم إلا نجاحه في أن يُلقي في ظلمة السجون بأديبة لها رصيد من الكتب والجوائز العالمية والأعمدة الصحفية ونضال مشهود في مناهضة الطائفية والتمييز العنصري والاتجار بالدين وامتهان المرأة وتعذيب الحيوان.
ثم يعترف المحامي: “لو كانت ردت عليا واعتذرت؛ كان الموضوع خلص!” يا إلهي! تذكرتُ الآن عادل إمام في فيلم “كركون في الشارع”، وهو يسمك بكيس البلح ويقول لزوجته: “أغلى كيس بلح في العالم يا سعاد”.
وبدوري أقول: “أغلى رسالة فيس بوك في العالم يا سعاد”! ثلاث سنوات سجن مقابل عدم ردي على رسالة؟! المشكلة أنني بهذا المنطق لن يكفي عمري مضروبًا في ألف لأسدد ديوني. لأن مئات الرسائل تصلني يوميًّا من القراء الكرام على فيس بوك وتويتر والإيميل وواتس آب، وبالطبع يمنعني ضيق الوقت من الرد. لكن القراء الكرام الحمد لله يقدرون أن الجسر بين الكاتب وقرائه هو المقال والكتاب والدراسة والقصيدة، فيسامحونه إن قصّر أحيانًا في التواصل المباشر معهم.
حين اعترف خصمي على الهواء بأن عدم ردي على رسالته هو الذي أثار حنقَه فقرر مقاضاتي (مقابل بوست أدبي مجازي كتبته على صفحتي عن القسوة في ذبح الحيوان) قاصدًا حبسي وحرماني من أطفالي ودفء بيتي، انهالت التعليقات على صفحتي، غاضبة من المحامي بعدما أدركوا باعترافه أن الحكاية ليست غَيرة على الدين كما يزعم إنما ثأر شخصي! لكن غضب القراء لم يخلُ من مزاح لطيف على منوال: “خدي بالك انك مش بتردي عليا وهارفع قضية انا كمان” الخ.
لكن ألطف تعليق جاء من الأستاذ “أحمد شيتوس” حين قال: [فكرني بفؤاد المهندس لما قال لبنته في المسرحية: “كنتي سيبيه يمسكها يا فوزية!” ما كنتي تردي على رسالته وتخلصي يا أستاذة.].
وفي نفس اللقاء التليفزيوني هتف خصمي قائلا: “القرآن هايحبسك!” كان البرنامجُ قد أجرى معي مداخلة بالهاتف وأنا في تورونتو الكندية للمشاركة في المؤتمر المصري الكندي ضد التمييز العنصري، وتكريمي على هامش المؤتمر. وأقول له هنا: لا يا عزيزي، القرآنُ لا يسجن، بل يُحرّر.
كلام الله في رسالاته السماوية نزل لكي يحرّر الإنسانَ من عبودية الأصنام وعبودية البشر. لكنكم تُزايدون على الله بما لم يُنزل به عليكم من سلطان وتجعلون من أنفسكم سلاطينَ بغير حق لكي تحصدوا مغانم رخيصة لن تجعل منكم إلا غلاظًا تنفّرون الناس من الدين. أليس هذا ازدراء للقرآن، أن تزعم أنه يحبس الناس؟ القرآنُ لا يسجننا يا “فتى الفيس بوك”، بل يحررنا من عبادة البشر أمثالك، ويحرركم من عبادتكم شهواتكم. هل أرفعُ ضدك الآن دعوى ازدراء أديان لقولك إن القرآن يسجن الناس؟