القاهرة الجديدة غرقت في شبر ميه .. الناس تصرخ أين المسئولون؟
فجأة وبدون أي مقدمات، سار الطقس "عكس الاتجاه، إذ هيأ المصريون أنفسهم لاستقبال موسم الصيف الذي دق الأبواب مبكرا، لكن على مدار اليومين الماضيين "جاءت الرياح بما لا تشتهي" السفن"، بموجة من الأمطار الغزيرة ورعد وبرق، لم تكن في الحسبان، وإزاء هذا حاول المواطنون جاهدين مواجهة مياه الأمطار الغزيرة التى تهطل على مناطقهم، فى هذه الأجواء المتقلبة، حيث تسببت الأمطار بعدة حوادث فى مناطق كثيرة، خاصة منطقة القاهرة الجديدة والتى تأثرت كثيرًا. وقال الدكتور أحمد عبدالعال، رئيس هيئة الأرصاد الجوية، إن التغيرات لم تحدث فى درجات الحرارة على الإطلاق وإنما هطلت كميات كبيرة من الأمطار فحسب، مرجعًا ذلك إلى ظاهرة التغيرات المناخية التى تجتاح العالم. وشهدت منطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، شللًا تامًا، وأغرقت مياه الأمطار مداخل العمارات، وعجز سكان المنطقة سواء داخل المنازل أو خارجها عن التحرك والوصول لسياراتهم، وخاصة فى شارع التسعين، كما تسببت الأمطار الرعدية فى سقوط عمودى إنارة أمام مبنى أمن الدولة بمنطقة مدينة نصر، ما أسفر عن توقف الحركة المرورية بسبب تكدس السيارات. وتراكمت مياه الأمطار فى شوارع مدينة القاهرة الجديدة لكونها مختلفة المناسيب، وتوجد فيها أماكن مرتفعة عن الأخرى، إضافة إلى المنحنيات الكبيرة فى الطرق، وبالتالى ذهب جزء من الأمطار إلى الصرف الصحى والجزء الآخر تراكم فى البؤر المنخفضة بالشوارع. وأرسل عدد كبير من المواطنين فى مدينة القاهرة الجديدة، العديد من الاستغاثات إلى المسئولين لسرعة التدخل ورفع مياه الأمطار التى تراكمت فى الشوارع، خاصة فى منطقة التجمع الخامس. ودفعت الإدارة العامة للمرور، بالتنسيق مع قوات الحماية المدنية، وشركة الصرف الصحى، بسيارات لشفط المياه الناتجة عن هطول الأمطار بالطريق الدائري، وأمر اللواء عصمت الأشقر، مساعد وزير الداخلية للمرور، بوجود قيادات الإدارة العامة للمرور على الطرق لتسيير حركة السيارات. وقال أحمد عبدالعزيز، مواطن يسكن بمصر الجديدة، إن إدارة المرور تقوم بدورها على أكمل وجه، مشيرًا إلى تجمع المياه بمطلع ومنزل كوبرى الجيش، ومحور الثورة، أسفل الدائرى باتجاه طريق السويس، ومنزل ومطلع كوبرى الأباجية وكوبرى التونسى، بمحور الأوتوستراد، ونفق زهراء المعادى، ومطلع ومنزل كوبرى السلام الدولى، ومنطقة الشويفات. وأشار إلى أن المياه تجمعت بجوار الجامعة الأمريكية وسور الديار ومحور طه حسين، بشارع التسعين فى التجمع الخامس، ولكنه أكد أن إدارة المرور قامت بدورها على الوجه الأكمل لمواجهة المشكلة، وإبعاد المواطنين عن الطرق الخطرة التى تمتلئ بالمياه. وقال ياسر النجار، مواطن يسكن بالتجمع الخامس، إن ليلة أمس الأول الثلاثاء كانت عجيبة ، حيث استمرت الرياح والأمطار لثلاث ساعات متواصلة دون توقف، وأدت إلى عواقب وخيمة لدرجة أن المياه ملأت الجراجات، وغرقت السيارات كلها، كما ارتفعت المياه لتهدم الأسوار بين العمارات، وحاول الكثيرون إنقاذ سياراتهم من الغرق ولكن للأسف ملأت المياه السيارات ولم يستطيعوا إخراجها. وتساءل النجار : كيف بُنيت هذه العمارات فى مستوى منخفض مثل هذا، وفى مجرى السيل، حيث تتجمع المياه كلها، هذا كله بسبب الفساد العمراني، فمن المفترض وجود تخطيط عمرانى منتظم لمواجهة مثل هذه المشاكل . وأوضح خالد شهاب، مواطن بالتجمع الخامس، أنه يعيش فى أرقى أحياء القاهرة، حيث من المفترض أن يكون كل شىء مجهزًا لحل مثل هذه المشاكل ومواجهة الحوادث المماثلة، قائلًا: شهدنا ليلة غريبة بجميع المقاييس، أين النظام والتقدم فى أرقى أحياء القاهرة؟ تسببت بعض الأمطار التى لا تعتبر غزيرة بالدرجة التى تشل الحركة فى قطع الإنترنت والكهرباء، وحتى شبكة المحمول . وأضاف: أين المسئولون من هذه الكميات من المياه المهدرة، فيما نعانى من خطر نقص الموارد المائية، كان من الممكن أن تكون هناك خزانات نملأها بالمياه عن طريق الأمطار، ونستخدمها فيما بعد فى أى شيء، سواء الزراعة أو الشرب . وسادت حالة من الغضب بين المواطنين داخل القاهرة الجديدة، واتهموا المحليات بعدم الاهتمام بالمرافق وإنشاء البالوعات اللازمة التى تحول دون تضررهم وتضرر منازلهم بعد هطول كميات كبيرة من الأمطار فى القاهرة الجديدة، والتى تحولت إلى منطقة سيول، حيث ارتفعت نسبة الأمطار لتصل إلى معدلات كبيرة تتجاوز نصف متر. ومن جانبه، قال رئيس هيئة الأرصاد الجوية، إن القاهرة الجديدة من المناطق المفتوحة التى تكثر بها الرياح بصورة كبيرة، فلا يوجد حائل أو عائق يمنع الرياح من الاندفاع، ما يعد سببًا فى كون تلك المنطقة تشهد سقوط كميات كبيرة من الأمطار. وأضاف أن التغيرات لم تحدث فى درجات الحرارة على الإطلاق وإنما هطلت كميات كبيرة من الأمطار فحسب، مرجعًا ذلك إلى ظاهرة التغيرات المناخية التى تجتاح العالم وليس مصر فحسب، على حد قوله، مشيرًا إلى أن الأجواء غير المستقرة وموجة الأمطار من المتوقع أن تنتهى بحلول يوم الغد، الجمعة. وقال الدكتور أحمد فوزى دياب، الخبير المائي، إن التغيرات المناخية تتسبب فى حدوث تغيير فى خريطة الأمطار المعتادة، ليس على مستوى مصر فقط، وإنما على مستوى العالم أيضًا، وهو ما يظهر خلال كل فصل خريف أو شتاء. وأضاف دياب ، أن السيول أمر خطير، ويجب مواجهته بالاستعدادات المناسبة، حتى لا تقع خسائر فى الأرواح أو الممتلكات، ما يتطلب وجود بالوعات تستوعب كميات كبيرة من مياه السيول، مع ضرورة التأكد من عمل تلك البالوعات بالشكل الأنسب، وإقامة حواجز ترابية وكتل صخرية، فالسيول تكون مدمرة حينما لا توجد استعدادات لمواجهتها. وأشار الدكتور باسل أحمد الصباغ، الأستاذ بالمركز القومى لبحوث الإسكان والبناء، إلى ضرورة الاهتمام ببالوعات الأمطار لاسيما فى المناطق الأكثر عرضة لسقوط الأمطار، حيث إن الأمر لم يعد رفاهية بل بات يشكل أهمية كبيرة خلال الأعوام الأخيرة. وقال: خلال فترة السبعينيات، اتجهت العديد من الأحياء إلى تجهيز بالوعات لتصريف المياه عند نزول الأمطار، ولكن بسبب ندرة نزول الأمطار حدث انسداد لها بفعل الطمى وعوامل الزمن . وأشار الصباغ إلى خطورة عدم الاهتمام بالتعامل مع مياه الأمطار، ما يؤدى إلى إعاقة حركة السير والمرور وتحول الأرض الرملية إلى وحل وإضعاف أساسات الأبراج والعمارات السكنية، بجانب باقى الآثار على الحياة العامة. وقال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية، إنه وفقًا للأمم المتحدة فمصر تملك ثروة حقيقية متمثلة فى مياه الأمطار ورغم هذا لا تستغلها الاستغلال الأنسب، لافتًا إلى أن استغلال السيول يكون من خلال إنشاء مصدات السيول، ولكنها مرتفعة التكاليف. ولفت إلى أنه يمكن الحصول على قرض من البنك الدولى أو من منظمة الأغذية والزراعة الفاو ، وهى منظمات تدعم إنشاء تلك المصدات للاستفادة من المياه وعدم إهدارها. وأضاف: استغلال مياه الأمطار مهم جدًا وعدم استغلالها سيؤدى إلى كوارث، وهو ما شاهدناه خلال الفترة الأخيرة التى أثرت فيها مياه السيول على الكثير من المناطق، وأدت إلى تدمير الكثير من القرى وإتلاف الأراضى الزراعية . ووافقه الرأى الدكتور جمال صيام، مدير مركز الدراسات الاقتصادية بجامعة القاهرة، مطالبًا الدولة بالاتجاه إلى إيجاد بدائل لتوفير المياه، كتحلية مياه البحر واستغلال مياه الأمطار.
هذا الخبر منقول من : البوابه نيوز