تذكار نياحة القديس أنبا بيصاريون الكبير
الكنيسة تحتفل بتذكار نياحة القديس أنبا بيصاريون الكبير: كيف عاش هذا الأب العابد وتعلق به المؤمنون؟
اليوم، السبت 31 أغسطس 2024، تحتفل الكنيسة بتذكار نياحة القديس أنبا بيصاريون الكبير، الذي يُعتبر من أعظم القديسين في تاريخ الكنيسة القبطية. في مثل هذا اليوم، تذكر الكنيسة القديس العظيم الذي عاش حياة تقية وصبورة، وقدم نموذجًا حيًا للإيمان العميق والتقوى. كيف أثر القديس بيصاريون في حياة المؤمنين وكيف تُعظم الكنيسة ذكرى نياحته؟ سنتناول في هذا المقال حياة هذا الأب المبارك وتفاصيل تاريخه الروحي والعجائب التي صنعها.
حياة القديس أنبا بيصاريون الكبير
القديس أنبا بيصاريون الكبير عاش في القرن الرابع، ويُعتبر من أبرز آباء الصحراء الذين أسهموا في نشر روح الرهبنة والتقوى. وُلد من أبوين مسيحيين، وعُرف منذ صباه بحبه للحياة الملائكية، ما جعله يشعر بتغربه عن العالم من حوله. قادته هذه الرغبة العميقة إلى الانضمام إلى حياة الرهبنة، حيث سعى إلى حياة النسك والتقشف التي يعيشها.
سيرة القديس أنبا بيصاريون الكبير وتأثيره
توجّه القديس بيصاريون إلى الأنبا أنطونيوس الكبير، أحد أعظم رهبان الصحراء، ليبدأ مسيرته الروحية تحت إشرافه. بعد فترة من الزمن، انتقل إلى القديس مقاريوس ليتتلمذ على يديه. ولكن، روح التقوى العميقة التي حملها دفعته للعيش في البرية كطائرٍ غريبٍ لا يملك شيئًا، باحثًا عن راحته الأبدية.
لقد عُرف القديس بيصاريون بتجوله في البرية ككوكب مضيء، يعيش حياة النسك والتقشف دون اهتمام بأي من أمور الدنيا. لم يكن يشغله اهتمام بالمسكن أو الطعام، بل كان يقتات على الرجاء ويعيش بقوة الإيمان، متحملًا كل صعوبات الحياة. في كثير من الأحيان، كان يجد راحته في تجواله البري، ويشعر بالحزن إذا وجد نفسه بين مجتمع من الرهبان في حياة الشركة.
الحكمة والعبادة في حياة أنبا بيصاريون الكبير
كان للقديس بيصاريون مواقف تظهِر عمق حكمته وروحانيته. كان يشجع الرهبان على أن يكونوا مثل الشاروبيم والسارافيم، مليئين بالأعين الروحية. وقد عبّر عن ذلك من خلال وصيته الأخيرة التي قال فيها: "يليق بالراهب أن يكون كالشاروب والساروف، كله أعين". هذه الحكمة تعكس التزامه بالحياة الروحية العميقة والتفاني في العبادة.
في إحدى المواقف، طلب منه تلميذه أن يشرب من ماء البحيرة. بعد أن صلّى القديس، أصبح الماء عذبًا، مما أظهر قدرته على التأثير في الطبيعة من خلال إيمانه العميق. وتدل هذه الواقعة على أن القديس بيصاريون كان قريبًا جدًا من الله، وكان يشهد لأعمال الله من خلال حياته اليومية.
العجائب والقدرات الروحية
كان للقديس بيصاريون القدرة على القيام بالمعجزات التي أذهلت من حوله. فقد روى تلاميذه عنه أنه عبر نهرًا بعد أن صلّى، وأنه كان يشعر بالماء فقط عند كعبيه بينما كانت بقية قدميه على اليابسة. كما كان له قدرة على الصلاة وتحقيق أشياء غير ممكنة، مثل إيقاف الشمس لتستمر في مكانها حتى ينتهي من صلاته.
في أحد الأيام، جاء رجل إلى القديس بيصاريون ومعه ابن مفلوج. بعد أن شفى القديس الصبي، كان ذلك دليلاً على قوة صلاته وأثرها في حياة الناس. كما أظهر القديس رحمة خاصة تجاه الخطاة، إذ قدم الدعم والتشجيع لمن أخطأوا ورفضوا الاستسلام لليأس.
التفاعل مع المجتمع والمجتمع الروحي
عُرف القديس بيصاريون بمحبة عميقة للخطاة وتقديم الدعم الروحي لهم. في أحد المواقف، طرد الكاهن شخصًا ارتكب خطأ من الكنيسة، فتوجه القديس بيصاريون إلى الكنيسة وقال: "إن كنت قد حكمت على هذا الرجل الذي ارتكب معصية واحدة أنه لا يستحق أن يعبد الله، فكم بالأولى بالنسبة لي أنا الذي ارتكب خطايا كثيرة؟"
القديس بيصاريون وتلميذه أبا دولاس
كان للقديس بيصاريون تلميذ يُدعى أبا دولاس، الذي شهد على تأثير القديس في حياته الروحية. في إحدى المواقف، طلب أبا دولاس من القديس بيصاريون أن يشرب من ماء البحيرة، وعندما فعل، لاحظ أن الماء تحول إلى عذب بفضل صلاة القديس. هذه الواقعة توضح العلاقة القوية بين القديس وصلاة الإيمان.
الاحتفال بعيد نياحة القديس بيصاريون
تحتفل الكنيسة القبطية بعيد نياحة القديس بيصاريون في 25 مسرى من كل عام، بينما يحتفل به الغرب في 17 يونيو. تُعتبر هذه المناسبات فرصة للتفكر في حياة القديس وأثره في الإيمان المسيحي، وتقدير تأثيره الروحي في الحياة اليومية للناس.