لأول مرة منذ 40 عامًا مشاهد جديدة توثق لحظة اغتـــ،ـيال أنور السادات بالصوت والصورة ما سر بث وكالة أجنبية لقطات لم تُرَ من قبل لإستشهاد الرئيس المصري؟

أنور السادات .. في تطور لافت وغير مسبوق، نشرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية مقطع فيديو عالي الجودة، يكشف لأول مرة بالصوت والصورة تفاصيل دقيقة للحظات اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات خلال العرض العسكري السنوي الذي أقيم يوم 6 أكتوبر 1981 بمدينة نصر بالقاهرة، بمناسبة الذكرى الثامنة لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة.
ويُعد هذا المقطع بمثابة توثيق حي للحظات تاريخية غيرت مجرى السياسة المصرية والعربية لعقود، حيث سُمع صوت منفذ الهجوم وصراخ الحاضرين، في مشهد لا يزال محفورًا في الذاكرة الوطنية.
تفاصيل لحظة الهجوم كما ظهرت في المقطع الجديد
أظهر الفيديو لحظة نزول الملازم أول خالد الإسلامبولي، أحد أعضاء الجماعة الإسلامية حينها، من إحدى المركبات العسكرية التي كانت تشارك في العرض، حيث اندفع تجاه المنصة الرسمية التي كان يجلس عليها الرئيس السادات، وبجواره كل من نائبه حينها محمد حسني مبارك ووزير الدفاع المشير عبد الحليم أبو غزالة.
وفور وصوله إلى محيط المنصة، فتح الإسلامبولي النار بشكل مباشر وعنيف، مرددًا صرخات حماسية، فيما حاول الحراس التصدي للهجوم وسط حالة من الذعر والفوضى. وقد أدى هذا الهجوم الدموي إلى مقتل الرئيس السادات وإصابة عدد من المسؤولين والمرافقين، قبل أن يُلقى القبض على الإسلامبولي ورفاقه المشاركين في العملية.
قراءة أمنية: هل يحمل المقطع رسالة تهديد مبطنة؟
في سياق التعليق على توقيت نشر الفيديو، حذّر الخبير الأمني المصري محمد مخلوف من أن هذا الظهور المفاجئ للمقطع قد لا يكون بريئًا أو مجرد إعادة أرشفة لمشهد تاريخي، بل ربما يحمل رسائل ضمنية تهديدية موجهة إلى القيادة المصرية، وربما أيضًا إلى دول أخرى في المنطقة تمر بحالة من الاحتقان السياسي، وعلى رأسها الأردن.
وأكد مخلوف أن الهدف من بث هذا الفيديو قد يكون بمثابة "تكليف إيحائي" بإعادة التذكير بإمكانية تكرار هذا السيناريو الدموي، خاصة بعد فشل محاولات عديدة لزعزعة الاستقرار في مصر في ظل يقظة الأجهزة الأمنية وقدرتها على إحباط أي اختراق للحدود أو المساس بالأمن القومي.
السادات.. الرئيس الذي تحدّى الجماعة حتى النهاية
أعاد مخلوف التأكيد على أن الرئيس الراحل أنور السادات كان من أشد المعارضين للجماعات الدينية المتشددة، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وقد تصدى لهم بقوة بعد أن استشعر خطرهم على الدولة. كما كان توقيع السادات لاتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل سببًا في موجة غضب داخل أوساط الجماعة والجماعات الجهادية، مما أدى إلى استهدافه في وضح النهار وأمام عدسات الكاميرات، في مشهد مأساوي وثّق نهاية رجل وقف في وجه تيارات العنف.
خبير أمني: هذا الفيديو ليس مصادفة وإنما "رسالة إلكترونية مسمومة"
وفي تعليق آخر، صرح اللواء عادل عزب، الرئيس الأسبق لإدارة مكافحة الإرهاب والنشاط المتطرف بجهاز الأمن الوطني، أن توقيت نشر الفيديو ليس عشوائيًا على الإطلاق، بل يرجح أن يكون جزءًا من خطة دعائية إلكترونية تديرها الجماعة أو من يناصر أفكارها في الخفاء.
وأكد عزب أن هذا الظهور الإعلامي المفاجئ يستهدف إثارة الذعر والتشويش على القرار السياسي في الأردن، الذي يشهد تصعيدًا سياسيًا ملحوظًا مؤخرًا، مع تزايد الدعوات الشعبية والسياسية لحظر حزب جبهة العمل الإسلامي، الواجهة السياسية لجماعة الإخوان في الأردن.
"حين تصرخ الجماعة.. فهذا يعني أنها تلقت ضربة مؤلمة"
أضاف اللواء عزب أن الجماعة لا تتحرك إلا حين تشعر بتهديد حقيقي لمصالحها، ولهذا فإن بث هذا الفيديو قد يكون رد فعل على تقدم حقيقي في مواجهة الفكر المتطرف، مؤكدًا أن مثل هذه الرسائل لا ينبغي أن تؤدي إلى التراجع عن قرارات سيادية مثل حظر الأحزاب ذات المرجعية الدينية، بل ينبغي أن تكون حافزًا على استكمال الطريق بحذر، مع تطوير أدوات المواجهة الأمنية والقانونية.
استدعاء الماضي رسالة تحذيرية أم توثيق تاريخي؟
في ظل الأوضاع السياسية الملتهبة التي تشهدها بعض الدول العربية، لا يمكن فصل توقيت بث الفيديو عن السياق السياسي القائم. فبينما قد يراه البعض توثيقًا تاريخيًا لحظة فارقة، يراه آخرون رسالة مشفّرة لإحياء فكر العنف.
وفي كل الأحوال، تبقى ذكرى اغتيال السادات لحظة محفورة في التاريخ، ليس فقط بسبب جسامتها، ولكن لأنها تعكس صراعًا مستمرًا بين الدولة المدنية الحديثة وقوى التطرف التي تتربص بها من حين لآخر.