مقال تاريخي بقلم فاطمة ناعوت عن البابا شنودة

الحق والضلال
مواضيع عامة

كتبت رينا يوسف

الكاتبه الرائعه فاطمة ناعوت اشتهرت دائما بحبها الشديد للمسيحين ودائما نجدها في الصفوف الاولي للحاضرين في قداسات الاعياد وغيرها من المناسبات التي ظهر فيها حرصها علي ذلك ومن اجمل مقالاتها علي الاطلاق ذلك المقال والذي تحدثت فيه عن البابا شنودة الثالث حيث قالت

ترفَّع عن الصغائر والدنايا. فلم يغضب يومًا مما يُقال فى حقّه من سخافات كان يُطلقها تافهون فارغو العقل فقيرو الروح. وكان يمنع شعبَه من الغضب لأبيهم الروحى ورمزهم الدينى. حتى حين كان ينفجرُ الأمرُ فى إحراق كنيسة أو قتل مسيحيين، كان يدعو للغفران مُرددًا قولته الشهيرة: كلّه للخير، مسيرها تنتهى، ربنا موجود ثم يُصليّ للمجرمين داعيًا الله ألا يُقيم عليهم خطاياهم لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون. وحين احتشد الإرهابيون حول مقرّ إقامته بالبيت البابوى فى الكاتدرائية، قُبيل رحيله، رافعين اللافتات البذيئة فى حقّه وحق المسيحيين، قام وتحدّث إلى الأقباط فى وعظة تاريخية عنوانها: اغفروا، ونجح فى تحويل الأحزان والغضب إلى محبة وتسامح وسموّ؟! فى إحدى عِظاته عام 1980، قال البابا شنودة لأقباط مصر: مثلما أنا مستعدٌّ لأن أبذل حياتى من أجل أيّ واحد منكم، فإننى مستعد لبذل حياتى من أجل أى مسلم فى هذا البلد. إن الحب الذى فينا لا يعرفُ تعصبًا ولا تفريقًا. فنحن أخوة فى هذا الوطن. ونحن جميعًا مستعدون لبذل أنفسنا من أجل كل ذرة تراب فى مصر. نحن لا نعرف سوى الحب. ‫عمل على بناء كنائسَ قبطيةٍ (مصرية) فى المهجر؛ حتى لا تذوبَ هُوية الأقباط فى الهُويات الغربية. فكأنما بهذا كان يمدُّ خيوطَ المواطَنة بين أبنائه وبين وطنهم مصر، فكأنما لم يبرحوها مهما استطالت خيوطُ الغُربة، وتشتتت فى أرجاء الأرض. فى أكتوبر 2012، حينما دسّت أمريكا أنفها فى شأننا الوطنى، ولوّحت بحماية كنائس مصر، ولوّح بعض أقباط المهجر غير الوطنين بتدويل القضية القبطية، قال البابا شنودة بهدوء وحسم: إن كانت أمريكا ستحمى الكنائس فى مصرَ، فليَمُت الأقباطُ وتحيا مصر. أقولُ له اليومَ فى رحلته للأبدية: يا قداسة البابا شنودة، أيها الوطنى الشريف، إن مصر، بعد الله، هى التى ستحمى كنائسَها كما تحمى مساجدها وهياكلها وأهراماتها ومعابدها. مصرُ قادرةٌ على حماية أبنائها بالقانون والعلم. والمصريون على رباط إلى يوم القيامة. لم يفرِّق بينهم شيطانٌ ولا مُغرِض طوال تاريخها العريق، ولن يحدث. فنَمْ مستريحًا، وانعمْ بفردوس السماء، لأنك أهلٌ لذلك. وأقول للرئيس الوطنى عبدالفتاح السيسى، أتمنى أن نجعل فى مصر شارعًا باسم قداسة البابا شنودة، مثلما جعلتْ أمريكا أحد شوارع ولاية نيوچيرسى على اسم ذلك الرجل المصرى العالمى النبيل. ذلك الشارعُ الذى زُرتُه بنفسى والتقطتُ فيه صورًا تذكارية؛ وأنا أقفُ بفخر تحت لافتة تحملُ اسمَ رجلٍ نبيل من بلادى
          
تم نسخ الرابط