حدث نادر يهز الأوساط الكنسية منذ عهد البابا شنودة .. راهب بدير السريان يرتدي الإسكيم الكبير لأول مرة بعد انقطاع دام سنوات طويلة في دير العذراء

البابا شنودة
البابا شنودة

في مشهد تاريخي لم تشهده الكنيسة القبطية الأرثوذكسية منذ عقود، قام نيافة الأنبا متاؤوس، أسقف ورئيس دير السيدة العذراء السريان بوادي النطرون، اليوم الإثنين، بإلباس الراهب القس زوسيما السرياني الإسكيم الكبير، في واحدة من أهم الطقوس الرهبانية التي تحمل دلالة روحية وتاريخية عظيمة. ويُعد هذا الحدث سابقة مميزة تحدث للمرة الأولى منذ عهد مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث، ما يجعله موضع اهتمام كبير داخل الأوساط الكنسية والرهبانية.

قداس احتفالي في الدير بمشاركة مجمع الرهبان

شارك عدد من آباء مجمع رهبان دير السيدة العذراء السريان في الصلاة الخاصة بمراسم إلباس الإسكيم الكبير، والتي أعقبها مباشرة قداس إلهي احتفالي ترأسه الراهب القس زوسيما السرياني، الذي أصبح رسميًا أحد حاملي هذا الوشاح الرهباني الفريد. وقد تميزت هذه المناسبة بأجواء روحانية عميقة، لما لها من دلالة على وصول الراهب إلى أعلى درجات الزهد والنسك.

ما هو الإسكيم الكبير وما رمزيته في الحياة الرهبانية؟

أوضح الباحث في الشأن القبطي كريم كمال، رئيس الاتحاد العام لأقباط من أجل الوطن، أن الإسكيم الكبير يُعد وشاحًا روحانيًا مميزًا لا يُمنح إلا للرهبان الذين بلغوا درجات فائقة من التقشف والانقطاع عن العالم، وهو يشير إلى الاستعداد التام لحياة الجهاد الروحي. ويتكون الإسكيم من سيور مصنوعة من الجلد الطبيعي، مجدولة على شكل صليب على هيئة حرف إكس، يحتوي في منتصفه على صليب كبير من الأمام وآخر من الخلف، مع وجود أربعة صلبان صغيرة في أطراف السيور، وكلها تشير إلى معاني الفداء والتكريس الكامل لله.

أهمية الحدث في سياق التاريخ الكنسي الحديث

اعتبر كريم كمال أن إلباس الإسكيم الكبير بهذه الطريقة يمثل لحظة نادرة في تاريخ الكنيسة القبطية في العصر الحديث، خاصة وأنه لم يتم هذا الطقس منذ سنوات طويلة. وأشار إلى أن آخر من ارتدى الإسكيم الكبير كان قداسة البابا تواضروس الثاني، وذلك خلال حفل تجليسه على الكرسي البابوي، عندما قام عدد من رؤساء الأديرة الذين يرتدون الإسكيم بتسليمه إياه، مما منحه صلاحية إلباسه لغيره لاحقًا.

شروط وقوانين إلباس الإسكيم المقدس

يُشترط في من يقوم بإلباس الإسكيم المقدس أن يكون مرتديًا له مسبقًا، وفقًا للتقليد الكنسي. ولهذا فإن الحدث يحمل أهمية مزدوجة، حيث لا يقتصر على كونه طقسًا روحيًا فقط، بل يمثل أيضًا تسليم الطقس من جيل إلى جيل للحفاظ على أصالته وقيمته الروحية. ويُعتبر ذلك امتدادًا لما فعله البابا شنودة الثالث في فترات سابقة عندما قام بإلباس الإسكيم لعدد من رؤساء الأديرة بهدف استمرار الطقس داخل الحياة الرهبانية القبطية.

الإسكيم الكبير بين الماضي والحاضر

تاريخيًا، كان ارتداء الإسكيم الكبير مرتبطًا بالرهبان الذين اختاروا حياة العزلة الكاملة والتفرغ الكامل للعبادة والتأمل، وهو رمز للزهد التام والانفصال عن العالم المادي. واليوم، ومع إحياء هذا الطقس من جديد، تتجدد المعاني الروحية لهذا التقليد في وجدان الأقباط، حيث يجسد حياة مكرسة بالكامل لخدمة الله.

ردود فعل إيجابية في الأوساط الكنسية

لاقى هذا الحدث تفاعلًا كبيرًا داخل الأوساط الكنسية، حيث أعرب العديد من الكهنة والرهبان والمؤمنين عن سعادتهم بإعادة إحياء هذا الطقس النادر، واعتبروه تأكيدًا على استمرارية الروح الرهبانية الأصيلة في الكنيسة القبطية، وتقديرًا لجهود الرهبان الذين يكرسون حياتهم بالكامل للعبادة والجهاد الروحي.

          
تم نسخ الرابط