سر الكلمة التي لن يسطيع قداسة البابا شنودة استكمالها على منبر الكنيسة "شاهد فيديو تاريخي حقق أعلي نسبة مشاهدة "
البابا شنودة الثالث، البطريرك الـ117 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، امتاز بقدرة استثنائية في إلقاء العظات والتعليم بأسلوب مؤثر وقوي، مكّنه من الوصول إلى قلوب الملايين من المصريين، سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين، فضلاً عن مكانته الواسعة في العالم العربي ودوليًا. كانت عظاته ملهمة للعديدين وترجمت إلى عدة لغات، وتم توثيقها في عشرات الكتب. إلا أن البابا، ورغم هذه المهارة الفائقة في الخطابة، مر بتجربة نادرة ومؤثرة في شبابه قبل أن يصبح راهبًا، وكان ذلك عندما كان يُعرف باسمه العلماني نظير جيد.
الحادثة الوحيدة التي لم يكمل فيها كلمته على المنبر
عندما كان نظير جيد، الطالب في الصف الرابع الثانوي (حيث كانت الثانوية العامة تتألف من أربع سنوات حينذاك)، فقد أحد أصدقائه المقربين. اختير لإلقاء كلمات مؤثرة تعبر عن مشاعر الحزن التي عاشها محبو الفقيد، فوقف الشاب نظير، ذو الـ19 عامًا تقريبًا، على منبر الكنيسة يلقي أبياتًا شعرية مؤثرة. قال عن تلك اللحظة: "ألقيت البيت الأول وبدأت السيدات بالبكاء، ثم في البيت الثاني تصاعدت الدموع، وعند البيت الثالث انفجر البكاء بصوت عالٍ". وفي هذه اللحظة، بادر كاهن الكنيسة بإيقافه قائلًا: "كفاية كده يا ابني"، حفاظًا على مشاعر الحاضرين ولمنع تصاعد الحزن إلى موجة من الصراخ والعويل.
هذا الموقف استذكره البابا شنودة بعد ذلك بسنوات خلال أحد اللقاءات التلفزيونية، وشارك قصته مع المشاهدين بلهجة مازحة، قائلاً: "خايف أقولكم قلت إيه وقتها تبكوا إنتو كمان". تعلم من هذا الموقف درسًا هامًا؛ وهو أن من يقف على المنبر يجب أن يلهم ويعزي ويخفف من وطأة الحزن لدى الناس.
اهتمامه بالشعر ونشأته الأدبية
نظير جيد، الذي شُغف بالشعر منذ سن الـ18، بدأ بتنمية موهبته الشعرية بدافع من حبه لله ورغبته في التعبير عنه بالكلمات. وكان قد وجد كتابًا بعنوان "أهدى سبيل إلى علمي الخليل" في دار الكتب، وبدأ يتردد يوميًا على دار الكتب منذ الصباح حتى الظهيرة لتعلم قواعد الشعر. ورغم صعوبة هذا العلم، أتقنه، وأصبح الخيار الأول لأصدقائه لإلقاء القصائد في المناسبات الدينية والرسمية.
كان لهذه المرحلة من حياته الأثر البالغ في تشكيل شخصيته الأدبية والروحانية، وهي الصفات التي ظلت ترافقه حتى بعد اعتلائه الكرسي البابوي في مثل هذا اليوم من عام 1971.